3- قصص حب الله لعباده الصالحين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام على خير المرسلين 

ان قصص حب الله لعباده الصالحين كثيرة فهم محاطين، ومحفوظين من خلال حب الله لهم.
فهو يرعاهم، ويحفظهم من الزلل، لأنهم احباب الله أخلصوا في محبته، والزموا أنفسهم بطاعته، واشتاقت نفوسهم للخلوة معه ورؤيته.
في رحابه أصبحوا أولى بالرعاية، والحماية، ليصلوا إلى مسعاهم، ومبتغاهم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}

فتعالوا نتعرف على بعض من قصص حب الله لعباده الصالحين.

3- قصص حب الله لعباده الصالحين
قصص حب الله لعباده الصالحين

قصص حب الله لعباده فيها عبرة لأولي الالباب

قصص حب الله لعباده المخلصين في طاعته كلها عبر، وعظات، ومواقف نتعلم منها الدروس، والزهد، وطرق الحب الحقيقي لله عز وجل.

لذلك قال أحد المحبين: “والله ما طابت الدنيا إلا بمحبته وطاعته، ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته”.

كذلك قال آخر: “مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيبَ ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبَّة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والتنعُّم بذكره وطاعته”.

لذلك قال الإمام الشافعي في وصفه لهم:
إِنَّ لِلَّهِ عِباداً فُطَنا            تَرَكوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا
نَظَروا فيها فَلَمّا عَلِموا     أَنَّها لَيسَت لِحَيٍّ وَطَنا
جَعَلوها لُجَّةً وَاِتَّخَذوا        صالِحَ الأَعمالِ فيها سُفُنا

أعزة على الكافرين يقاتلون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم

قال تعالى: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]

التطبيق العملي لبعض الأوصاف التي وردت في هذه الآيات هي قصة استشهاد الصحابي الجليل عاصم بن أبى الأقلح والتي يتجلى فيها حب الله لعباده المجاهدين في سبيله.
لأنه من القوم الذين يحبهم الله ويحبون الله قبل استشهاده دعا الله سبحانه وتعالى أن يحمى جسده من المشركين فاستجاب له وحمى جسده بجيش من النحل.
تصديق لقول الله في الحديث القدسي ولئن سالني لاعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه.

نيشان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعاصم

لما كانت ليلة بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه: “كيف تقاتلون؟
فقام عاصم وقال إذا كان القوم قريباً من مئتي ذراع كان الرمي وإذا دنوا حتى تنالهم الرماح كانت المداعسة حتى تقصف وإذا تقصفت وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا نزلت الحرب من قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم.”

شجاعة عاصم في غزوة أحد

تعالوا نتوجه إلى غزوة أُحد ثبت عاصم بن أبى الأقلح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما فر الناس يوم أحد وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت في سبيل الله وأخذ يرمي عاصم بالرماح فلم يخطئ أحدا، وكان ممن قتلهم شابًا يقال له مسافع بن طلحة،

فنذرت أمه سلافة بنت سعد أن تشرب في رأس عاصم بن أبى الأقلح الخمر، وجعلت لمن جاء برأسه مئة ناقة.
وبعد عام من غزوة أُحد، جاء رهط من بنى لحيان وقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلامًا فأبعث معنا نفرًا من أصحابك يفقهنا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلمونا شرائع الإسلام، فأرسل معهم عاصم بن ثابت مع بعض أصحابه،
فلما قدموا بلادهم قال لهم المشركون استأسروا فإنا لا نريد قتلكم وإنما نريد أن ندخلكم مكة فنصيب بكم ثمنا،
فقال عاصم إني نذرت ألا أقبل جوار مشرك أبدا، وجعل يقاتلهم ويرمى عليهم بسهامه حتى فنيت نبله، ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه، وبقي السيف فقال داعيًا الله عز وجل: «اللهم إني حميت دينك أول النهار، فاحم لي لحمي آخره». 

حب الله لعباده وحمايته لهم وما يعلم جنود ربك إلا هو

ولما قتلوه أرادوا أن يقطعوا رأسه لينالوا جائزة سلافة بنت سعد، فبعث الله سبحانه وتعالى إليه جيش من النحل فحمته من وصول المشركين لجسده، فكلما اقتربوا منه هاجمتهم ولدغتهم في وجوههم وعيونهم، فقال القوم: دعوه حتى يمسي وتذهب الدبر عنه.
ولما جاء المساء أرسل الله سبحانه وتعالى مطرًا غزيرًا فحمل جثة عاصم بن ثابت بعيداً، فلما أصبحوا لم يجدوا لها أثرًا،
وحين سأل الصحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن مكان جسد الصحابي عاصم رضى الله عنه قال: “إنه في مقعد صدق عند مليك مقتدر”
وكان عمر يقول «حين بلغه أن الدبر منعته: «حفظ الله العبد المؤمن» ولقد سُمي لذلك «حمِي الدبر» أورده الحافظ ابن حجر والقرطبي.

اقراء ايضا
اسباب وعلامات حب الله للعبد

اسباب حب العبد لله

أشعث أغبر لكن حبيب للرحمن لو أقسم على الله لأبره 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، ذِي طِمْرَيْنِ، تَنْبُو عنه أَعْيُنُ الناسِ، لو أَقْسَمَ على اللهِ لَأَبَرَّهُ” صحيح الجامع الصغير.

حب الله لعباده لا يكون لجمال خلقتهم ولا لقوتهم أو سلطانهم إنما يحيهم لإخلاصهم وخفاءهم في عبادته عن الناس وتقواهم وقلوبهم السليمة. 

عن التابعي الجليل محمد بن المنكدر أنه قال: كانت لي سارية في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس أصلّي إليها باللّيِل فأصاب أهل المدينة سنة فخرجوا يستسقون فلم يسقوا فلما كان من اللّيل صليت عشاء الآخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئت تساندت إلى ساريتي فجاء رجل أسود تعلوه صفرة متزر بكساء وعلى رقبته كساء أصغر منه.

اتجه الي الله وقال أي رب خرج أهل حرم نبيك يستسقون فلم تسقهم فأنا أقسم عليك لما سقيتهم.

قال ابن المنكدر فقلت: مجنون، قال: فما وضع يده حتى سمعت الرعد ثم جاءت السماء بشيء من المطر أهمني الرجوع إلى أهلي، فلما سمع المطر حمد الله بمحامد لم أسمع مثلها قط، 

قال: ثم قال ومن أنا وما أنا حيث استجبت إلي، ولكن عذت بحمدك وعذت بطولك، ثم قام وتوشح بكسائه الذي كان متزرا به، وألقى الكساء الآخر الذي كان على ظهره في رجليه، ثم قام فلم يزل قائما يصلي حتى إذا أحس الصبح سجد وأوتر وصلى ركعتي سنة الفجر.
ثم أقيمت صلاة الصبح فدخل في الصلاة مع الناس، ودخلت معه، فلما سلم الإمام، قام فخرج وخرجت خلفه حتى انتهى إلى باب المسجد فخرج يرفع ثوبه ويخوض الماء فخرجت خلفه رافعا ثوبي أخوض الماء فلم أدر أين ذهب؟

أن نسيهم الخلق جميعا الله لا ينسى أحبابه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي” صحيح مسلم

ان لله احباب أن نسيهم الخلق جميعا فإن الله لا ينساهم، بل يذكر عليهم لأنهم اخفيا أتقياء إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا اغنياء بالله فهو حبيبهم ونصيرهم. 

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  بعث جيشا فيهم رجل يقال له: حدير وكانت تلك السنة قد أصابتهم سَنَة من قلة الطعام، فزودهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسي أن يزود حديراً، فخرج حديرٌ صابراً محتسباً وهو في آخر الركب
يقول: لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول: نعم الزاد هو يا رب’ فهو يرددها وهو في آخر الركب.

قال: فجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن ربي أرسلني إليك يخبرك أنك زودت أصحابك ونسيت أن تزود حديراً وهو في آخر الركب يقول: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول: نعم الزاد هو يا رب. قال: فكلامه ذلك له نور يوم القيامة ما بين السماء والأرض، فابعث إليه بزاد.

قال: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فدفع إليه زاد حدير وأمره إذا انتهى إليه حفظ عليه ما يقول، وإذا دفع إليه الزاد حفظ عليه ما يقول،
وتقول له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ورحمة الله، ويخبرك أنه كان نسي أن يزودك وإن ربي تبارك وتعالى أرسل إليّ جبريل يذكرني بك، فذكره جبريل وأعلمه مكانك.

قال: فانتهى إليه وهو يقول: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول: نعم الزاد هو يا رب.

قال: فدنا منه ثم قال له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ورحمة الله وقد أرسلني إليك بزاد معي ويقول: إني نسيتك فأرسل إلي جبريل من السماء يذكرني 

قال: فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قال: الحمد لله رب العالمين ذكرني ربي من فوق سبع سماوات ومن فوق عرشه ورحم جوعي وضعفي، يا رب كما لم تنس حديراً فاجعل حديراً لا ينساك.

قال فحفظ ما قال ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما سمع منه حين أتاه وبما قال حين أخبره، 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما إنك لو رفعت رأسك إلى السماء لرأيت لكلامه ذلك نوراً ساطعا ما بين السماء والأرض”. أورد ابن الجوزي في صفة الصفوة 

الختام

حب الله لعباده الصالحين يوضحه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل: إن الله تعالى يحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل فينادي في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض”.  رواه البخاري ومسلم

لله قوم أخلصوا في حبه     فأحبهم واختارهم خداما
قوم إذا جن الظلام عليهم    قاموا هنالك سجدا وقياما
يتلذذون بذكره في ليلهم      ونهارهم لا يبرحون صياما

اترك رد