1- اسباب حب العبد لله تعالي

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير المرسلين

غاية خلق الإنسان هي العباد لله وحده.
والعبودية لله شرف وعز ورفعة.
والعبودية لغير الله ذل ومهانة، وانكسار، وتغييب للعقل، والمنطق.
الفارق الكبير بين العبودية لله والعبودية لغير الله هو حب العبد لله.
فبغير حب العبد لله لا تكتمل العبوديه لله.
ومع الغير لا يهم الحب ابدا، بل هي المنفعة فقط.

1- اسباب حب العبد لله تعالي
اسباب حب العبد لله تعالي

حب العبد لله لذاته وكمال صفاته

اول ما يجعل الانسان يحب شخص او شيء ما هو الجمال فالنفس جبلة علي حب الجمال

فما بالنا إذا اجتمعت صفات الجمال والجلال والدوام وهذا لا يجتمع لأحد ابدا الا لله عز وجل

لذلك الله هو المستحق الاول للحب لكمال صفات الجمال والجلال عند الخالق العظيم سبحانه وتعالي حجابه النور لو كشف هذا الحجاب لأحرق جماله وبهاءة وعظمته كل الخلائف الا من رحم سبحانه له الاستحقاق الذاتي لكل تقرب ومحبة. 

لذلك فإن الكثير من الصالحين العارفين يحبون الله لذاته لجماله وجلاله.
لا خوف من ناره ولا طمعا في جنته.
فحب الله تعالي غاية كل غاية قبل الأولاد، والازواج، والأقارب، والأموال. 

لذلك قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: 24].

يوضح هذا الامر الشاعر ابي فراس الحمداني فيقول:

فليتك تحلو والحياة مريرة     وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين         وكل الذي فوق التراب تراب.

اقرا ايضا
الطهارة الظاهرة والباطنة في الاسلام

حب العبد لله لحلاوة وكمال الإيمان

إذا اردت كمال الإيمان فعليك بحب الله عز وجل وهذا ما يوضحه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لما تحدث عن حلاوة الإيمان 

فقال صلى الله عليه وسلم “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار” صحيح البخاري

حلاوة الإيمان وكمال الإيمان تنالهم بحب الله عز وجل

هل جزاء إحسان الله الا حب العبد لله

بعد كمال صفات الجمال والجلال يأتي الاحسان من الله إلينا من خلال كثرة انعامه علينا 

نعم الله علينا كثير ولن نبالغ اذا قلنا انها لا تعد ولا تحصى وهذا ما أخبرنا به الله تعالى فقال: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 18] 

لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه). رواه الترمذي وصححه الحاكم

نعمة الخلق ونعمة الرزق ونعمة أن هدانا للإيمان 

ولشكر هذه النعم وبيان فضل الله علينا ينبغي مقابلة هذا الفضل بالحب والقرب والطاعة كما ينبغي ان يفعل اي عاقل مؤمن بالله فليس هناك حب بدون طاعة ولا ايمان بدون حب

لذلك قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165].

كذلك قال رسول صلي الله عليه وسلم: “لا تؤمنوا حتى تحابوا” صحيح مسلم

الحب دائما مرتبط بالإيمان فلا حب بدون إيمان وليس هناك حب بدون طاعة وليس هناك حب مع معصية.
تعصي الاله وانت تظهر حبه      هذا محال في القيس بديع
لوكان حبك صادقا لأطعته       ان المحب لمن يحب مطيع
في كل يوم يبتدئك بنعمة          منه وانت لشكر ذاك مضيع

قصة إبراهيم بن أدهم مع الرجل العاصي

جاء رجل إلى العارف بالله إبراهيم بن أدهم فقال له يا أبا إسحاق إني مسرف على نفسي في المعاصي فعظني موعظة تكون زاجرة لقلبي 
قال: إن قبلت خمس خصال وقدرت على أي واحدة منها لم تضرك معصية ولم توبقك لذة.

قال: هات الاولي يا أبا إسحاق.
قال: أما الأولى فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل فلا تأكل رزقه 
قال: فمن أين آكل وكل ما في الأرض من رزقه 
قال: له يا هذا هل تأكل رزقه وتعصيه 

قال: لا، هات الثانية 
قال: وإذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئا من بلاده
قال الرجل هذه أعظم من الأولى يا هذا إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له فأين أسكن 
قال يا هذا هل تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه 

قال: لا، هات الثالثة 
قال: إذا أردت أن تعصيه وأنت تحت رزقه وفي بلاده فانظر موضعا لا يراك فيه فاعصه فيه 
قال: يا إبراهيم كيف هذا وهو مطلع على ما في السرائر 
قال: يا هذا أ تأكل رزقه وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهر به 

قال: لا، هات الرابعة 
قال: إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك فقل له أخرني حتى أتوب توبة نصوحا وأعمل لله عملا صالحا
قال: لا يقبل مني 
قال: يا هذا فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير فكيف ترجو وجه الخلاص 

قال: هات الخامسة 
قال: إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة يأخذونك إلى النار فلا تذهب معهم 
قال: لا يدعونني ولا يقبلون مني 
قال: فكيف ترجو النجاة إذا 

قال: الرجل: يا إبراهيم حسبي أن أستغفر الله وأتوب إليه ولزمه في العبادة حتى فرق الموت بينهما.

أكرم بها من معامله من الخالق العظيم مع العبد العاصي اللئيم

نسكن في بلاد الله ونأكل من رزق الله ويرنا الله في المعصية ويسترنا ويتفضل علينا بالتوبة وناخرها هو اهل التوبة واهل المغفرة ونحن اهل التقصير والمعصية

يقولُ اللَّهُ تَعالَى: “أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في ملا خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً” صحيح البخاري

نحب الله لأنه يحبنا

وجب حب العبد لله لأنه يحبنا والدليل الواضح على حبه لنا أن الله هدانا للإيمان 

لذلك قال تعالي: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54] 

الختام

كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “أسألُكَ حُبَّكَ، وحُبَّ مَنْ يحبُّك، وحُبَّ عملٍ يُقرِّب إلى حُبِّكَ” صحيح الترمذي.

اترك رد