2- شعب ابي طالب مقاطعة وابتلاء وحصار للنبي محمد صلي اله عليه وسلم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي خير خلق الله
شعب ابي طالب مقاطعة إعلامية، واجتماعية، واقتصادية، وحصار.
ابتلاء شديد للنبي محمد ﷺ، وأهله، والمسلمون، في شعب ابي طالب.

 شعب ابي طالب مقاطعة وابتلاء وحصار للنبي محمد صلي اله عليه وسلم
شعب ابي طالب مقاطعة وابتلاء وحصار للنبي محمد صلي اله عليه وسلم

سبب الحصار في شعب ابي طالب

أراد كفار مكة في بداية الأمر أن يترك رسول الله ﷺ دعوته إلي الله الواحد. ودعوته إلي مكارم الأخلاق، ودعوته إلي المساواة بين الجميع. فذهبوا إلي ابي طالب ليقنعوه أن يأمر ابن أخيه أن يرجع عما يقول من الحق، وان لم يقدر يسلمه اليهم.

فذهب ابي طالب إلي الحبيب المصطفي ﷺ ليناقشه في الأمر فكان الرد من رسول الله ﷺ
انه قال:”والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري علي أن اترك هذا الأمر ما تركته إلا أن يطهره الله أو اهلك دونه”.

لذلك لما رأي ابي طالب إصرار ابن أخيه قال: يا ابن اخي قل ما شئت فاني لن أسلمك لهم ابدأ.
وكان عم النبي ابي طالب نعم النصير لرسول الله ﷺ. لم يصلوا إليه،

محاولات كفار قريش مع ابي طالب لقتل النبي ﷺ

ولم ييأس كفار قريش، بل ظلوا يخططوا لقتل النبي محمد ﷺ حتى انهم عرضوا الدية مضاعفة علي ابي طالب.
بل وجاءوا ذات يوم إلي ابي طالب وقالوا: آنا تعرض عليك أن تأخذ ابن سيد من سادات قريش تتبناه. وتعطينا محمد لنقتله!!

فقال: بئس ما حكمتم به تعطوني ابنكم أغذية لكم، واعظيكم ابني لتقتلوه لا يكون هذا ابدأ ثم خاطب الحبيب المصطفي أمام القوم فقال:
“والله لنْ يصلوا إليك بجمعهم * حتّى أُغَيّب في التراب دفينا
ودعوتني وزعمتَ أنّك ناصحٌ * ولـقد صدقتَ وكنتَ ثمّ أمينا
وعرضتَ ديناً قد علمتُ بأنّه * مِـن خيرِ أديانِ البريّة دِيْنَا

الحصار الجائر والصحيفة الظالمة

فلما باءت كل محاولاتهم الظالمة بالفشل اتفقوا علي هذا الحصار الجائر، والمقاطعة الظالمة. لرسول الله، ومن امن معه من المسلمين، وأهله جميعا الذين انحازوا أليه ولم يسلموه حتي مع عدم إيمانهم برسالته.

لما علم ابي طالب بعزم كفار قريش علي قتل ابن أخيه جمع بنو هاشم واخبرهم بالأمر.
فأخذوا النبي ﷺ وتجمعوا في شعب ابي طالب.
وما تخلف منهم إلا أبو لهب لأنه فانحاز إلي قريش واجتمع سادات قريش علي مقاطعة بنوا هاشم وبنو عبد المطلب ممن انحازوا إلي النبي في شعب ابي طالب وكتبوا صحيفة المقاطعة وعلقوها في جوف الكعبة

بنود الصحيفة الظالمة

لم تكن تلك الصحيفة الظالمة فيها بنود المقاطعة الجائرة فقط بل كان فيها كل الحقد والكراهية التي في قلوب كفار قريش تجاه النبي ﷺ الحقد الذي اعمي عيونهم وقلوبهم عن الرحمة بالأطفال والنساء من بني هاشم فقرروا وكتبوا ونفذوا هذه البنود الظالمة.

أولا: – المقاطعة الاجتماعية

لا يزوجوهم ولا يتزوجوا منهم. أرادوا بهذا البند قطع صلة المصاهرة بين أهل مكة وبنو هاشم وبالتالي قطع الطريق علي أي أحد كريم أو رحيم يريد المساعدة وتكون حجته المصاهرة. وهذه تسمي مقاطعة اجتماعية.

ثانيا: المقاطعة الاقتصادية

لا يشترون منهم ولا يبيعون لهم ولا يشترون لهم. أرادوا من هذا البند التجويع التام لبنو هاشم حتى الموت وهذه تسمي مقاطعة اقتصادية.

ثالثا: – المقاطعة الإعلامية

لا يكلموهم، ولا يجالسوهم ولا يخالطوهم ولا يدخلوا بيوتهم.
أما هذا البند فكان لغلق كل الطريق علي أي حوار قد يوضح أو يبين المعناة التي تحدث للمحاصرين في شعب ابي طالب، وهذه مقاطعة إعلامية واجتماعية.

أخيرا: – المقاطعة المقدسة

لا تأخذهم بهم رأفة أو رحمة ولا يقبلوا منهم صلحا ابدأ إلا أن يسلموا محمد للقتل.
وهذا البند يوضح الهدف من هذا الحصار الجائر قتل النبي ﷺ حتى لو مات بنوا هاشم جميعا من الجوع بدون أي رحمة. ثم تم تعليق هذه الصحيفة في جوف الكعبة. وختم عليها كفار قريش. حتى تأخذ صفة القدسية ولا يتعرض لها أحد

معاناة وابتلاءات شعب ابي طالب

لما فرغ كفار قريش من كتابة الصحيفة شرعوا على الفور في تطبيق بنودها. فضيقوا علي كل من في شعب ابي طالب،
فاستمر الحصار الجائر حتي أنفق الحبيب المصطفي وعمه ابي طالب وزوجته السيدة خديجة كل أموالهم.

ومرت الأيام والأسابيع والشهور والطعام والشراب بدء ينفذ، وكل محاولات كسر الحصار باءت بالفشل. حتي وصل الجوع إلى أن أكلوا أوراق الشجر. ولم يكن لهم طعام إلا ما يسوقه لهم أصحاب القلوب الرحيمة إلي زوي أرحامهم في جنح الظلام.
وكان منهم حكيم ين حزام ابن أخو السيدة خديجة، وأيضا هشام بن عمرو العامري ولكن ما يصل لم يكن ليكفي واشتد الجوع وذادت المعاناة.
يقول سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه “خرجت ذات يوم ونحن في الشعب لأقضي حاجتي. فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا هي قطعة من جلد بعير يابسة، فأخذتها فغسلتها، ثم أحرقتها ثم رضرضتها، وسقفتها بالماء فتقويت بها ثلاث ليال.

محاولات فك حصار شعب ابي طالب

حاول أصحاب الفطرة السليمة والقلوب الرحيمة من رجال قريش  مثل هشام بن عمرو وزهير ابن أميه والمطعم بن عدى وأبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود نقض هذه الصحيفة الظالمة، فنادي زهير بن أميه في أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم يهلكون في شعب ابي طالب لا يباع ولا يبتاع منهم!
والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة، فعارضة أبو جهل فقام أصحاب زهير الأربعة، ووافقوا على رأيه وقالوا: أنهم لا يرضون ما كتب في الصحيفة ولا يقرونه، فقال أبو جهل، هذا أمر دبر بليل.

إقراء أيضا:
إساءات إلي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكنه قابلها برحمة وإحسان.

وقدر الله فك الحصار

بعد هذه المحاولات وبعد مرور 3 سنوات على هذا الحصار الجائر وهذه المعاناة، وجاء الفرج من الله، ونزل الأمين جبريل علي الحبيب المصطفي، وأخبره إن الله سلط ألأرضه فأكلت الصحيفة الظالمة كلها إلا اسم الله.

أخبر الحبيب المصطفي ﷺ عمه أبي طالب بالأمر فذهب إلي البيت الحرام ليحدث كفار قريش عن الأمر.

فقال: اخضروا الصحيفة فاحضروها فقال: لهم قبل أن يفتحوها أأحدثتم فيها شيء؟ قالوا: لا
فقال: لهم أن ابن اخي أخ
برني إن ألأرضه أكلت الصحيفة إلا اسم الله فان كان صادقا ماذا تفعلون
قالوا: نترك المقاطعة
فقال: فان كان كاذبا سلمته لكم تفعلوا به ما شئتم. قالوا: لقد أنصفت. فلما فتحوا الصحيفة، وجدوها كما اخبر النبي ﷺ
فقالوا: لقد سحرنا محمد ولكن شاع خبر هذه المعجزة، وامن الكثير من الناس وانتهي هذا الحصار، والبلاء الشديد.

قال ابن القيم:

«لما رأت قريش أمر رسول الله يعلو والأمور تتزايد أجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله. وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة.

فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم؛ إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشاً على رسول الله وبني هاشم وبني المطلب. وحبس رسول الله ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقاً عليهم جداً مقطوعاً عنهم الميزة والمادة نحو ثلاث سنين. حتى بلغ بهم الجهد.

ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم؛ إلا ذكر الله عز وجل فأخبر بذلك عمه فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه وإن كان صادقاً رجعتم عن ظلمنا قالوا: أنصفت. فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي ازدادوا كفراً وعناداً، وخرج رسول الله ومن معه من الشعب».

الختام

هذا جهد المقل، وأرجو أن أكون قد استطعت أن أوضح بإيجاز “أتمنا إلا يكون مخل” بعض ما تعرض له النبي ﷺ وأهله من ابتلاءات في شعب ابي طالب،
واقدم لك جزيل الشكر عزيزي القارئ لقراءة هذا المقال، والمتابعة إلي الختام.
الكاتب عاطف محروص

اترك رد