1- الإسراء والمعراج في القران الكريم 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي خير خلق الله

ذُكر الإسراء والمعراج في القرآن الكريم في موضعين: في سورة الاسراء، وسورة النجم.
وحينما نتأمل الآيات التي ذكرت الإسراء والمعراج نجد أنها تكلمت عن معجزة ربانية اختص الله بها عبده ورسوله محمد صلي الله عليه وسلم.  

لذلك رأى فيها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثير من الرؤى، والآيات، والعجائب التي تبهر السامع، والقارئ فما بالنا بالرائي. 

فتعالوا نتعرف على معجزة الإسراء والمعراج في القران الكريم.

1- الإسراء والمعراج في القران الكريم
1- الإسراء والمعراج في القران الكريم

رحلة الإسراء في القرآن الكريم

ذكر الله عز وجل رحلة الإسراء في القران في أول سورة الإسراء فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} في هذه الآية يجب علينا ان نقف ونتأمل كل كلمة على حده فكل كلمه في هذه الآية تحقق معنى أراد الله عز وجل ان يبينه، ويوضحه لنا.

لتظهر لنا رحلة الإسراء والمعراج في القران بكل تفاصيلها، ومعانيها. 

أول الآية “سبحان الذي أسرى” سبحان معناها هنا التنزيه المطلق لله سبحانه ولا تقال إلا في العجائب، والمعجزات، ولا تقال إلا لله عز وجل وحده، فلكل معجزه سبحان الله. 

فاذا تكلم الله عز وجل في أول هذه الآية وقال: “سبحان” فعلينا ان نعلم ان الله عز وجل سوف يتكلم بعدها عن معجزة.
هذه المعجزة حدثت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أسري به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى، بروحه وجسده في زمن قصير. 

لذلك قال الله عز وجل:” سبحان الذي أسري” من الذي أسري؟ الله عز وجل، وحينما نتكلم عن قدرة الله عز وجل لا يجب لاحد أيا ما كان ان يشكك في قدرته.
فقدرة الله فوق الشك والتهم. 

سريت من حرم ليلا الى حرم        كما سرى البدر في داج من الظلم 
مشيئة الخالق البارئ وصنعته        وقدرة الله فوق الشك والتهم 
حتى وصلت سماء لا يطار لها       على جناح ولا يسعي لها على قدم
وقيل كل نبي عند رتبته           ويا محمد هذا العرش فاستلم 

لم يقل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم انه قد سرى بنفسه، ولكن قال أسري بي، واكد الله عز وجل ذلك المعنى فقال: سبحان الذي أسرى بعبده، وتأمل كلمة عبده معنى عبده هنا أي: بالروح، والجسد. 

مكانة النبي ومقام العبودية

حينما نتأمل كلمة “بعبده” نعرف مكانه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وقدره عند الله عز وجل، فقد اختصه بمقام العبودية المقام الأسمى. 

فحينما تُذكر كلمة “عبد الله” مجردة في القران يكون المقصود بها هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم. 

لذلك قال تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن:19]
كذلك قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ} [الفرقان: 1]

كذلك قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} [الكهف:١]

أما إذا ذكر أحد من الأنبياء في مقام العبودية يذكر اسم هذا النبي 

لذلك قال تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ} [ص: 41]
كذلك قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [ص: 45]

سرعة النبي في رحلة الاسراء والمعراج

سبحان الذي “أسري بعبده ليلا” معنى هذا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستغرق الليل كله، بل استغرق جزءا قليلا من الليل قد يكون بعض دقائق معدودة

فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج ورجع، وفراشة ما يزال دافئا.

وإذا تكلمنا من ناحية القدرة الإلهية فهذا شيء هين يسير بالنسبة لقدرة الله عز وجل.
فالله جل في علاه لا يجري عليه زمان ولا يحيط به مكان.

كذلك من ناحية أخري إذا تكلمنا عن السرعة التي كان يسير بها النبي صلى الله عليه وسلم، نعلم أنها سرعه كبيره. ففي رحلة الإسراء ركب البراق الذي يضع يديه في منتها بصره، وهي سرعة كبيرة.

اما في المعراج، قد تكلم الله عز وجل في كتابه الكريم عن سرعه الملائكة، وسيدنا جبريل، 

لذلك قال تعال: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4]

ففي وقتنا الحاضر تقاس المسافات بين الكواكب بالسنة الضوئية اي: مقدار ما يقطعه الضوء في سنة (سرعة الضوء 300000 كيلو مترفي الثانية) هذا المقدار هو مقدار سرعة الملائكة، وكلما زادت السرعة كلما قل الوقت كما نعرف. 

اقرأ أيضاً…
5- من اسباب رحلة الاسراء والمعراج

من المسجد الحرام الي المسجد الأقصى

ثم بعد ذلك تأتي البشارات في هذه الآية: البشارة الأولى “من المسجد الحرام” أي: البيت الحرام، سيكون مسجدا يعبد فيه الله عز وجل، وحده ليس به أصنام لأن المسجد الحرام لم يكن قد أصبح مسجد عند نزول هذه الآية.

“الى المسجد الاقصى” بشارة أخرى إلى أن بيت المقدس سوف يفتح، ويكون المسجد الأقصى، وهذا ما حدث بعد ذلك بسنين.

على مر التاريخ علمنا أن أول من فتح بيت المقدس، هو سيدنا عمر بن الخطاب، ثم تلاه بعد ذلك صلاح الدين الأيوبي مرة أخرى، وأصبح بيت المقدس مسجدا يعبد فيه الله عز وجل وحده خاص بالمسلمين. 

ثم توضيح لمكانة المسجد الأقصى يقول الله عز وجل “الذي باركنا حوله” بارك الله حوله بالأنبياء، والصالحين

ثم جاء المقصد الإلهي الرباني من هذه الرحلة رحلة الإسراء والمعراج “لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”
فقد رأى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مرائي، وآيات كثيره في رحلة الإسراء.

رحلة المعراج في القرآن الكريم

كما أن الله عز وجل ذكر رحلة الإسراء في سورة الإسراء ذكر رحله المعراج في سورة النجم 

لذلك قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ}  [النجم:1-18]

النبي الصادق المُصدق

وإذا تأملنا هذه الآيات نجد أن الله عز وجل ذكر في أول خمس آيات، مدى صدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل ما يحدث به عن ربه.

أقسم الله تعالى بالنجم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما ضل، وما غوى، وما ينطق عن الهوى، فيما أخبر به من رحلة الإسراء والمعراج، وفي كل ما يخبر به عن الله إن هو إلا وحي يُوحي. 

رؤية النبي للأمين جبريل 

ثم تنتقل الآيات المباركات إلى بعض المشاهدات الكريمة التي حدثت لنبيه وحبيبه في رحلة المعراج، ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى. 

من رأى من؟ وإذا كانت هذه الأخرى متى كانت الأولى؟ 

الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم رأى الأمين جبريل مرتين على شاكلته التي خلقه الله عز وجل عليها. 

المرة الأولى كانت في غار حراء، حينما جاء الأمين جبريل الى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

قال له اقرأ قال ما أنا بقارئ، فضمه ثم تركه، وقال اقرأ قال ما أنا بقارئ، ثم ضمه مرة أخرى، وقال اقرأ باسم ربك الذي خلق. 

بعد هذا اللقاء خرج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو خائف فوجدا الأمين جبريل قد ملأت أجنحته أطباق السماء، وهو ينادي عليه، ويقول يا محمد أنا جبريل، وأنت رسول الله، كانت هذه هي الرؤية الأولى. 

الرؤية الثانية في رحلة الاسراء والمعراج، عند سدرة المنتهى. 

لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “رأيْتُ جِبريلَ عليه السَّلامُ مُنهَبِطًا، قد مَلأَ ما بينَ السماءِ والأرضِ، وعليه ثيابُ سُندُسٍ مُعلَّقًا به اللؤلؤُ والياقوتُ”. مسند شعيب 

كذلك قال عبد الله بن مسعود:” رَأَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جبرائيلَ في حُلّةٍ من رفرفٍ قد ملأ ما بين السماءِ والأرضِ” صحيح الترمذي 

لقد رأى من آيات ربه الكبرى

تذكر لنا الآيات بعض ما رآه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج، من رؤية الجنة، وسدرة المنتهى. 

بعد ذلك تتعاقب الآيات، وتتلألأ في ذكر صدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأن قلبه، وعينه صادقان لم يعتريهم النقص او الخذلان. 

ثم يختم الله عز وجل هذه الآيات، بقوله لقد رأى من آيات ربه الكبرى، أو بلفظ آخر لقد رأى الآية الكبرى من آيات ربه، كيف لا وقد كان قاب قوسين او أدني، كان على بساط أُنس الله فأوحى الله عز وجل له ما أوحى، 

وتلك مكانة رفيعة عالية لا تليق إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

الختام

سئل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ليلة المعراج؟

قال: ” نور أني أراه” نعم لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار سبحانه جل شأنه، وعظم جاهه، ولا إله إلا هو وحده لا شريك له.

الله تبارك، وتعالى ربط في رحلة الإسراء والمعراج بين المسجد الحرام، والمسجد الاقصى، والدين الإسلامي الحنيف، ونحن نؤمن إيمانا صادقا بهذا.