5- من اسباب رحلة الاسراء والمعراج 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام علي خير خلق الله.

حينما نتحدث عن اسباب رحلة الاسراء والمعراج نتذكر قول الله تعالى {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [سورة القمر: 49]
فهناك بعض الاسباب التي استدعت ان يكون هناك لقاء بين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبين العلي الكريم الله عز وجل
فتعالوا نتعرف على اسباب رحلة الاسراء والمعراج

5- من اسباب رحلة الاسراء والمعراج 
5- من أسباب رحلة الاسراء والمعراج 

1- الإيذاء الذي تعرض له النبي من أجل الدعوة

 كان قلب النبي متعلق بالدعوة الى الله، شغوف بها يريد لكل البشر ان ينعموا بنعمه الاسلام، ويذوقوا حلاوة الايمان، ولكن اشتد الإيذاء من المشركين علي النبي، وعلى المسلمين لأنهم قلة. كان هذا الإيذاء الذي تعرض له النبي، أحد اسباب رحلة الاسراء والمعراج، لمحو هذا الالم من خلال لقاء الله عز وجل فوق سبع سماوات، لتطيب خاطره وجبر كسر قلبه.
لكبر في نفوس المشركين! جحدوا هذه الدعوة!، وحاربوا النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه.
فلما اشتد الإيذاء الذي تعرض له النبي، حتى وصل إلى التجويع، والمقاطعة الاقتصادية، والاجتماعية في شعب ابي طالب.

للمزيد راجع مقاله
2- شعب ابي طالب مقاطعة وابتلاء وحصار للنبي محمد صلي اله عليه وسلم


ثم وفاه السيدة خديجة زوج النبي، وعمه ابي طالب في عام واحد، سمي بعام الحزن.
من ثم نقص عدد الذين يدخلون في الاسلام،
أراد رسول الله ان يغير مكان الدعوة من مكة حيث قبيلة قريش لما فيها من نفور. في هذه الفترة، وإيذاء له، ولأصحابه الى مكان اخر، وكان هذا المكان هو الطائف حيث ثاني أكبر قبيله هي ثقيف.

رحلة الطائف

في رحلة الطائف لاقى الرسول صلى الله عليه وسلم أشد ما يكون من الإيذاء النفسي والجسدي. لذلك حينما سئل عن أقسى الأيام، وأشدها، وأصعبها على نفسه، بعد ما حدث معه في غزوة أحد، تذكر رحلة الطائف.
بعدما توجه إلى الطائف هو وزيد بن حارثة رحلة قطعوا فيها ما يقرب من 85 كيلو متر، ليدعو قبيلة ثقيف الى الحق، والعدل، والمساواة، وتوحيد الله عز وجل. 

فما كان منهم إلا العنت، والجحود، والشرك فلما وجد منهم الحبيب المصطفى هذا الصدود، والعنت
سألهم شيئا بسيطا، هو ان يخفوا عنه، ولا يخبروا قريش، حتى لا يزيد ايذاء النبي في مكة، ولكن ابو الا ان يخبروا اهل مكة بما حدث.

ثم أمروا صبانهم وسفائهم بإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فسبوه، وآذوه، وضربوه بالحجارة حتى سال الدم الشريف من قدميه الشريفتين، حتى جلس بجوار حائط شيبة وعتبة بن ربيعة، بعد أن شج رأس زيد، وهو يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

دعاء النبي بعد حادث الطائف

في هذه اللحظات الصعبة توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى حبيبه وصفيه الله عز وجل، 

دعاء النبي بعد حادث الطائف

فقال اللهم أنى اشكو اليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس. 

يا ارحم الراحمين انت رب المستضعفين، وانت ربي الى من تكلني الى بعيد يتجهمني، ام الى عدو ملكته امري. 

ان لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. 

أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه امر الدنيا والأخرة، من ان ينزل بي غضبك او يحل على سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوه الا بك،  

حينما تستمع الى هذا الدعاء تعرف مدى المعاناة والقسوة التي تحملها رسول الله صلى الله عليه وسلم 

فليتك تحلو والحياة مريرة           وليتك ترضى والانام غضاب 
وليت الذي بيني وبينك عامر      وبيني وبين العالمين خراب 
ان صح منك الود فالكل هين      وكل الذي فوق التراب تراب

تعبير عن كل حياة النبي صلي الله عليه وسلم

ومدى الثقة، والايمان، والقرب من الله عز وجل بعد هذه المعاناة الشديدة، والقسوة المفرطة من قريش، ومن ثقيف. 

حتى ان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. 

كل هذا الإيذاء، وهذه المعاناة، من اسباب رحلة الاسراء والمعراج.

2- التسرية علي النبي بعد حادث الطائف

بعد حادث الطائف، وبعد ما تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لكل هذا الإيذاء، جاءت التسرية مباشرة عن طريق ثلاثة امور: غير الاسراء والمعراج. 

الأمر الأول: – نزول الامين جبريل، وقال لو أردت أن أطبق عليهم الجبلين، ولكن ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاسيا، ولا غليظ القلب، ولا يرد الإساءة بالإساءة

لذلك قال: عسى ان يخرج من اصلابهم من يقول لا اله الا الله محمد رسول الله
ذلك كله مصداقا لقول الله عز وجل، وما أرسلناك الا رحمة للعالمين. 

الامر الثاني: – هو ايمان غلام شيبه بن ربيعة الذي كان يسمى عداس بنبوة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. 

الأمر الثالث: – هو قراءه سوره الرحمن على نفر من الجن، وايمانهم بنبوة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم

كل هذه الامور كان تطيبا سريعا لخاطر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت المرحلة العظمى والمعجزة الكبرى رحلة الإسراء والمعراج.

3- لنريه من آياتنا الكبرى

من اسباب رحله الاسراء والمعراج ايضا هو ارادة الله عز وجل لعبده ونبيه ان يرى ملكوت السماوات من جنة ونار، والمعذبون، والمنعمون فكما أخبره الله عز وجل عنها، وأصبح عند منزلة علم لليقين اراد الله ان يريه ليصل الى منزلة عين اليقين، وحق اليقين. 

لذلك يقول الله عز وجل في اول سوره الاسراء: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 

فكان هذا من اهم الاسباب التي ادت الى رحلة الاسراء والمعراج التي ذكرها الله عز وجل في محكم آياته هي لنريه من آياتنا. 

هناك آيات في الاسراء مرائي رآها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، مثل البراق ورؤيا الانبياء. 

هناك مرائي أكبر وأعظم في رحله المعراج، تكلم الله عز وجل عنها في سوره النجم
فقال: {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ} [النجم: 7-18].

هذه الآيات هي ملكوت السماوات ورؤية الأنبياء الذين لاقاهم في السماوات السبع، والمرائي الكثيرة التي عرضت عليه مثل رؤيته لبعض الناس يتنعمون واخرون يعذبون، ثم رؤية سدرة المنتهى، ورؤية سيدنا جبريل على شاكلته التي خلقه الله عز وجل عليها مصداقا لقوله ولقد راه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى، ثم الوقوف على بساط انس الله، ووصوله الي مكان لم يصل اليه أحد قيله، ولن يصل اليه أحد بعده. 

المتأمل في قصة سيدنا موسى حينما رجع مع اهله من مدينة مدين راي نار من بعيد فلما ذهب الى هذه النار كلمه الله عز وجل ليخبره انه اختصه بالرسالة، وكان مما قاله له الله عز وجل لنريك من آياتنا الكبرى

فهذه الآيات دائما ما تثبت قلوب الانبياء فكما حدث هذا الامر مع سيدنا موسى حدث مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في رحله الاسراء والمعراج

وهذا هو السبب الثاني من اسباب رحلة الاسراء والمعراج.

4- لقاء الأنبياء في الإسراء والمعراج 

من اسباب رحله الاسراء والمعراج ايضا رؤية الانبياء جميعا، والصلاة بهم امام في المسجد الأقصى، والتأكيد على الايمان بنبوة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
تحقيقا وتصديقا لقول الله عز وجل {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [ال عمران: 81]

 ونسأل هذا السؤال اين يتم الوفاء بهذا الميثاق؟
كان هذا اللقاء في هذا الموعد، وهذا المكان، وتحقيقا لقدر الله عز وجل
هذا ايضا من اسباب رحله الاسراء والمعراج. 

5- تثبيت قلب النبي والمسلمين

تثبيت قلب النبي، وتثبيت قلب المسلمين كان من أحد اسباب رحله الاسراء والمعراج فبعد المعاناة الشديدة والايذاء الشديد من قريش ومن سقيف اراد الله عز وجل ان يثبت قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو، واصحابه فكانت رحله الاسراء والمعراج لتثبيت لقلب النبي وتثبيت قلب المسلمين، وتمحيص لهم حتى يكونوا جاهزين لبناء دوله اسلاميه قوية في المدينة المنورة.

الختام

الله عز وجل دائما يدافع عن انبيائه واصفيائه، حتى وان ربط ذلك بالأسباب.

لذلك لاقا الكثير من الانبياء اشد الايذاء والمعاناة لاختيارهم وابتلاهم. 

لذلك قال رسول الله اكثركم بلاء الانبياء، ليكونوا مثال ينظر اليه في الصبر، والايمان.