خطبة الجمعة 1- الاستجابة لله والرسول

الحمد لله الملك الحق المبين الذي أرسل رسله هدى ورحمة للعالمين وانزل كتبه لتكون للناس صراطه المستقيم وجعل الاسلام دينه وأمر به عباده الصالحين ليحققوا معاني الاستجابة لله والرسول على مر السنين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو عز كل ذليل وقوة كل ضعيف وناصر كل مظلوم ومفزع لكل ملهوف سبحانه وتعالى من تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فاليه منقلبه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا محمد رسول الله خاتم الانبياء والمرسلين والمبعوث رحمة وهدى للعالمين 

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون 
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا 
يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما 
أما بعد فيا عباد الله خطبة الجمعة في هذا اليوم ستكون بعنوان الاستجابة لله وللرسول

خطبة الجمعة 1- الاستجابة لله والرسول
خطبة الجمعة 1- الاستجابة لله والرسول

العنصر الأول من خطبة الجمعة الاستجابة لله والرسول

معنى الاستجابة

الاستجابة هي الاتباع والطاعة والامتثال للأوامر الاستجابة الحسنة من العبد تكون بالعمل الصالح من صلاة وصيام وعبادات وترك المنكرات
الاستجابة والإجابة بمعنى واحد وان كانت الاجابة تكون عند السؤال والاستجابة تكون عند الأمر أو عند الطلب
لذلك قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]

العنصر الثاني من خطبة الاستجابة لله والرسول

اقرا ايضا
سلسلة الدار الآخرة 3- الموت وما بعد الموت

الاستجابة في القرآن الكريم

المتأمل في آيات القرآن الكريم يجد الكثير من المواضع التي يتحدث فيها الحق سبحانه وتعالى عن الاستجابة والطاعة لأوامر الله عز وجل وأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم نحاول أن نستعرض بعض هذه الآيات لنصل الى المعنى الحقيقي للاستجابة
لذلك نجد امر من الله تعالي للمؤمنين في هذه الآية بالاستجابة لله والرسول قال تعالى في سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الانفال: 24]

والمقصود هنا سرعة الاستجابة لأن الله والرسول لا يأمرون إلا بأمر فيه صلاح شأن المؤمن في الدنيا والاخرة فالحياة الحقيقية هي اتباع منهج الله والذي بدونه لا تكون من الأحياء ولبيان هذا الأمر يقول الله تعالى في سورة الأنعام: {إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون} [الانعام: 36] فشبه الذي يستجيب بالحي الذي يسمع وشبه الذي لا يستجيب بالميت  
كذلك يوضح الله عز وجل في كتابه الكريم من هم اصحاب الاستجابة السريعة قال تعالي: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الشورى:26]

فالذين يستجيبون هم المؤمنون الذين يعملون الصالحات وهم ايضا اهل الجنة وعدهم الله بها والذين لم يستجيبوا فلهم جهنم وبئس القرار
لذلك قال تعالي: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [الرعد:18]

العنصر الثالث من خطبة الاستجابة لله والرسول

سرعة استجابة الأنبياء لأوامر الله تعالى 

المواقف التي تدل على سرعة استجابة الأنبياء لأوامر الله عز وجل كثيرا ولكن سأذكر باختصار ثلاث مواقف موقف من سيدنا ابراهيم ومواقف من سيدنا موسى وموقف عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم 

يحكي لنا القرآن الكريم عن سرعة استجابة سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل لأمر الله عز وجل حينما رأى سيدنا ابراهيم الرؤيا التي تخبره أن يذبح ابنه وحيده مع ان هذا الامر شاق على نفس الخليل ابراهيم لان هذا ابنه ثمرة فؤاده الابن الوحيد بعد طول انقطاع
ثم بعد ذلك استجاب نبي الله إسماعيل لأمر الله عز وجل أيضا وان كان هذا الأمر هو ذبحه فإذا جاءت الاستجابة من العبد جاءت الرحمة من الله عز وجل
لذلك قال الله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات:104-107)

كذلك يذكر الله عز وجل مثال عن استجابة سيدنا موسى السريعة واستعجاله من أجل لقاء الله عز وجل وترك بني اسرائيل ولما سأله الله عز وجل عن هذا الأمر قال وعجلت إليك ربي لترضى
لذلك قال تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} [طه: 84]

من المواقف الواضحة على استجابة النبي والصحابة لأوامر الله حتى وان كان أمر لا تطيقه النفس حينما نزلت الآيات في آخر سورة البقرة { ِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284]
جاء الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا يا رسول الله انا لا نطيق هذه الآية فقال لهم الحبيب المصطفى تقولون كما قال بنو اسرائيل سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فلما رضى الصحابة بأوامر الله عز وجل واستجابوا لهذا الأمر

لذلك نزل التخفيف من الله عز وجل فقال:{ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[البقرة:285-286]
هذه بعض المواقف على سرعة استجابة الانبياء والصحابة لله عز وجل وكما أن هناك استجابة لله هناك استجابة لغير الله أعادنا الله واياكم منها اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

العنصر الرابع من خطبة الاستجابة لله والرسول

عاقبة الاستجابة لغير الله

الحمد لله رب العالمين
واشهد ان لا إله الا الله ولي الصالحين
واشهد ان سيدنا وحبيبنا وعظيمنا محمد رسول الله خاتم الانبياء والمرسلين
اما بعد

كما أن هناك استجابة لله وللرسول في الخير والبر والتقوى هناك أيضا استجابة اما الى الاهواء واما الى الشيطان استجابة فيها كل شر وخراب ودعوة إلى المعصية ودعوى الي النار لذلك يخبرنا الله عن هذه الاستجابة للشيطان في الآيات التي يتحدث فيها اهل النار مع الشيطان فيرد عليهم بقوله تعالي في سورة ابراهيم:{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّ  كُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [ابراهيم:22]

وما من يوم جمعه الا وفيه ساعة اجابه فادعوا الله امنوا عسى ان تكون هذه الساعة
اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين واعلى بفضلك كلمتي الحق والدين وانصر المسلمين المستضعفين في جميع بقاع الارض يا رب العالمين
 وأقم الصلاة