الصلاة 3- حكم تارك الصلاة في القران

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين

حينما نتحدث عن حكم تارك الصلاة في القران نحتاج إلى التفكير بعض الوقت لان الأمور التي تترتب على هذا الحكم هي التي تحتاج الي التفكير والتوضيح فهناك فارق كبير بين من ترك الصلاة تكاسلا ومن تركها جحود وانكار لذلك اختلفت الآراء في حكم تارك الصلاة في الإسلام وذلك تبعا لاختلاف الأفكار التي ينتهجها تارك الصلاة فمن المسلمين من يترك الصلاة خفية ومنهم من يجاهر بتركها ومن الناس من يترك الصلاة إنكارا لفرضيتها وجحود بمكانتها وكل هؤلاء لهم احكام مختلفة وفي هذا المقال سوف نحاول ان نتعمق في كل حكم من هذه الأحكام

الصلاة 3- حكم تارك الصلاة في القران
حكم تارك الصلاة في القران

حكم تارك الصلاة في القران عن جحود وإنكار

النية لها مكانة كبيرة في الدين الإسلامي قد يتساءل البعض وما دخل النية في هذا الامر؟ سأخبرك بأمر بسيط يقرب المعنى هل كان المنافقون يصلون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ 

سيكون الرد نعم هل كانوا ينطقون الشهادتين؟ 

الرد سيكون نعم، ولكن هل تنفعهم هذه الصلاة التي كانت وراء النبي صلى الله عليه وسلم؟ 

الرد سيكون قولا واحدا لا وذلك لفساد نياتهم إظهار الإيمان وإبطان الكفر 

فما بالنا بمن لا يصلي كيف تكون نيته، بل وإذا سؤل عن الصلاة يجهر بعدم صلاته ويقول ان الاسلام يكتمل حتى بدون هذه الصلاة 

لذلك لابد ان تكون نيته فاسدة ايضا لأنه أنكر ركن من أركان الإسلام ورد الأمر به في القرآن الكريم والسنة المطهرة وجاهر بإنكار فرضيتها

لذلك كان حكم تارك الصلاة عن جحود وإنكار انه كافر بإجماع العلماء 

الأمر بإقامة الصلاة في القرآن 

الآيات التي تتحدث عن الأمر بإقامة الصلاة في القرآن كثيرة ومتنوعة نذكر منها بعض الامثلة

الأمر بإقامة الصلاة في الصحة

من الطبيعي ان يأمرنا الله بالصلاة وكل العبادات في الصحة، ولكن هناك اعذار لكل العبادات الا الصلاة فليس لها عذر

قال الله تعالي: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:110]

كذلك قال تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77]

كذلك قال تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9]

الأمر بإقامة الصلاة مع المرض

المرض ليس عذر لترك الصلاة، بل الواجب هو الصلاة مع المرض لأن الصلاة تعين على الصبر في هذا المرض لذلك أمرنا الله بالاستعانة بها مع الصبر

لذلك قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45]

كذلك قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء:43]

اقراء ايضا
الصلاة 1- فضل اقامة الصلاة في الاسلام

الامر بإقامة الصلاة في السفر والخوف والحرب

كما أن المرض ليس عذرا لترك الصلاة في الخوف والحرب ليست عذر ايضا، ولكن مع الاعذار تتغير طريقة الصلاة فقط لتتناسب مع العذر سواء كان خوف او حرب او سفر

لذلك قال الله تعالي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة:238-239]

كذلك قال تعالي: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء:101-102]

عقوبة وحكم تارك الصلاة في القرآن 

تحدث القرآن الكريم في مواضع كثيرة عن عقوبة تارك الصلاة وأحوال من لا يصلي يوم القيامة فتعالوا نلقي الضوء على بعض هذه المواضع 

قال الله تعالي: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59]

عقوبة تارك الصلاة في هذه الآية هي انهم يلقون غيا وقيل ان غي واد في قعر جهنم يسيل فيه صديد اهل النار 

كذلك قال الله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين} [المدثر:38-43] 

أما في هذه الآية فإن عقوبة تارك الصلاة أنه في سقر فنجد أن أهل الجنة يسألون المجرمين ما أدخلكم سقر فكانت اول الاسباب انهم لم يكونوا مع المصلين اما ان اردت ان تتعرف على أوصاف سقر فقد ذكر الله هذه الأوصاف الرهيبة في نقس السورة في آيات سابقة

لذلك قال تعالى: {سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر} [المدثر:26د30] اللهم اجرنا من النار وعذاب النار يا رب

كذلك هناك آية اخرى تبين عقوبة تارك الصلاة الله فيها توعده بالويل وشديد العذاب

لذلك قال تعالى: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون:4-5]

كذلك حكم الله تعالي على تارك الصلاة بانه من المشركين فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم: 31]

حكم تارك الصلاة في السنة 

الأحاديث التي تتكلم عن الصلاة كثيرة ايضا ومتشعبة نذكر بعض الامثلة من هذه الأحاديث التي تتحدث عن حكم تارك الصلاة

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ”. صحيح مسلم

كذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “من حافَظَ عليها كانت لَه نورًا وبُرهانًا ونجاةً إلى يومِ القيامةِ ومن لَم يُحافِظ عليها لم يَكن لَه نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ وَكانَ يومَ القيامةِ معَ فرعونَ وَهامانَ وأبَيِّ بنِ خلفٍ”. طرح التثريب صحيح

كذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “العَهدُ الَّذي بيننا وبينهم الصَّلاةُ، فمَن تركَها فَقد كَفرَ”. صحيح الترمذي

حكم تارك الصلاة كسلا

إذا كان العلماء اجتمعوا في حكمهم على أن تارك الصلاة عن جحود وإنكار كافر مرتد 

لكنهم اختلفوا في حكم تارك الصلاة كسلا وغفلة، ولكن لماذا؟

لان تكفير الناس ليس بالأمر الهين في الاسلام فوجب على العلماء ان يكون لهم سند واضح بين في تكفير اي أحد لذلك اختلفوا في حكم تارك الصلاة

وسبب الاختلاف ان الرجل مؤمن بالله ينطق الشهادتين لا ينكر فرضية الصلاة، ولكن بتقصيره وتكاسله في هذه الركن الثاني من اركان الاسلام وقع في فعل كبيرة من الكبائر بترك الصلاة

لذلك من اجل الزجر والتغليظ في العقوبة حكم بعض العلماء بالكفر وهذا يدل على انه في خطر كبير واثم عظيم لو مات عليه عوقب اشد العقاب لان الصلاة هي عماد الدين والركن الركين

لذلك كان لأصحاب المذاهب الاربعة اراء متفرقة فثد كان راي الأمام أبو حنيفة رحمه الله أن حكم تارك الصلاة كسلا انه ليس بكافر، وأنه يعاقب بالحبس حتى يعود الي الصلاة. 

اما الإمام مالك والامام الشافعي رحمهما الله اتفقا علي أن حكم تارك الصلاة كسلا انه ليس بكافر، ولكن يقام عليه حد القتل للتطهر من هذا الذنب العظيم فاذا صلي يسقط عنه هذا الحد. 

اما المشهور عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه يكفر ويقتل ردة،

الختام

في الختام اردت ان اوضح اننا حينما نتكلم عن كفر تارك الصلاة نتكلم عن حكم عام، ولكن لا ينبغي على اي مسلم ان يتهم اخيه المسلم بالكفر لنهي النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك اما تذكيرنا بهذا الحكم يكون للزجر والمحافظة على الصلاة لان بها يظهر المسلم اسلامه

نسأل الله ان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته