3- قصص جبر الخواطر في السيرة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين

دائما نسرد القصص لتوضيح بعض المعنى ولنأخذ منها العبر والدروس 
هذا المقال نسرد فيه قصص عن جبر الخواطر لنأخذ منها ايضا العبر والدروس ونتعلم ما ينفعنا في الدنيا والآخرة
خصوصا أن هذه القصص قام بها اسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 قصص جبر الخواطر في السيرة النبوية
قصص جبر الخواطر في السيرة النبوية

قصص عن جبر النبي لخاطر الصحابة

إذا تأملنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة نجد الكثير من قصص جبر الخواطر ومن الامثلة على ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه.

قال: “أرحَمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بَكْرٍ، وأشدُّهم في دينِ اللَّهِ عُمرُ وأصدقُهُم حياءً عُثمانُ، وأقضاهُم عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وأقرأُهُم لِكِتابِ اللَّهِ أبيُّ بنُ كَعبٍ، وأعلمُهُم بالحلالِ والحرامِ مُعاذُ بنُ جبلٍ، وأفرضُهُم زيدُ بنُ ثابتٍ ألا وإنَّ لِكُلِّ أمَّةٍ أمينًا، وأمينَ هذِهِ الأمَّةِ أبو عُبَيْدةَ بنُ الجرَّاحِ”. صحيح الترمذي

قصة جبر خاطر جابر بن عبد الله

أن النبي صلى الله عليه وسلم قابل جابر بن عبد الله فقال: “يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِرًا قلتُ يا رسولَ اللَّهِ استُشهِدَ أبي وترَك عليهِ دينًا وعيالًا فقال ألا أبشِّرُك بما لقيَ اللَّهُ بهِ أباكَ إنَّ اللَّهَ لم يُكلِّم أحدًا من خلقِه قطُّ إلَّا من وراءِ حجابٍ وإنَّ اللَّهَ أحيا أباكَ فَكلَّمَه كفاحًا وقالَ يا عبدي تمنَّ عليَّ ما شئتَ أعطيكَ قال تردَّني إلى الدُّنيا فأقتلُ فيكَ فقال تبارَك وتعالى لا إنِّي أقسمتُ بيمينٍ أنَّهم إليها لا يُرجَعونَ يعني الدُّنيا”. صحيح الترمذي

لذلك كان هذا الحديث من أسباب نزول هذه الآية قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [ال عمران:169-171]

عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول

عبد الله بن ابي بن سلول كان من المنافقين وكان من اشد الناس ايذاء لرسول الله صلي الله عليه وسلم وكان ابنه من المؤمنين الصادقين المحبين لله ولرسوله وكان بارا بابيه فأراد رسول الله ان يجبر بخاطر عبد الله بن عبد الله بن ابي فأعطاه قميصه واستغفر له كل هذا جبر لخاطر أحد اصحابه.

عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبي، جاء ابنه إلى رسول الله صلوات الله عليه وقال: أعطني قميصك حتى أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له، فأعطاه قميصه، ثم

قال: “أذني حتى أصلي عليه” فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر بن الخطاب، وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ 

فقال: “أنا بين خيرتين: أستغفر لهم، أو لا أستغفر”. فصلى عليه، ثم نزلت عليه هذه الآية: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} فترك الصلاة عليهم. رواه البخاري ومسلم

قصة جبر خاطر عبد الله بن مسعود

الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود كان صغير الجسم دقيق الساقين فلما ضحك الحضور لما نظروا الي صغر ساقيه جاء جبر الخاطر من رسول الله له. 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكاً من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفوه، فضحك القوم منه، 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مم تضحكون؟”، قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: “والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد”. رواه أحمد

يا ابا عمير ماذا فعل النغير

رسول الله صلي الله عليه وسلم كان دائما يجبر خاطر الكبير والصغير فها هو يجبر خاطر الصبي عمير اخ لأنس بن مالك من ناحية امه ام سليم ويجلس معه ليواسيه في فقد طائره الصغير.

عن انس بن مالك انه قال: كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وكانَ لي أخٌ يُقَالُ له: أبو عُمَيْرٍ -قالَ: أحْسِبُهُ- فَطِيمًا، وكانَ إذَا جَاءَ قالَ: يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ به، فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلَاةَ وهو في بَيْتِنَا، فَيَأْمُرُ بالبِسَاطِ الذي تَحْتَهُ فيُكْنَسُ ويُنْضَحُ، ثُمَّ يَقُومُ ونَقُومُ خَلْفَهُ، فيُصَلِّي بنَا. صحيح البخاري

قصة الاعرابي الذي تبول في المسجد

جاء رجل من الاعراب الي المدينة ثم ذهب الي المسجد ليصلي ركعتين ويسلم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فلما انتهي من الصلاة تذكر فضل رسول الله عليه ورحمته ورئفته به فرفع بدية الي السماء بدعاء غريب يحمل معاني الجهل الذي بعاني منه فقال: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا”! 

فغضب الحاضرين واخذوا ينظروا الي رسول الله وينتظرون ردة فعله فقال له عليه الصلاة والسلام: “لقد حجرت واسعا” أي: لقد ضيّقت واسعاً وكان هذا اول موقف يجبر فيه رسول الله بخاطر هذا الرجل.

ثم جاء الموقف الثاني قام الأعرابي من مكانه، وتوجّه إلى ناحية من نواحي المسجد وشرع في التبول.

ولئن تحمّل الصحابة الكرام جهالات الاعرابي في قوله السابق، فإنهم لم يتحملوا هذا الفعيل القبيح، الذي فيه امتهان لحرمة المسجد، فتوجهوا اليه لكي يضربوه، 

لكن النبي صلى الله عليه وسلم أوقفهم عن فعل ذلك، وقال:” دعوه وأريقوا على بوله ذنوباً من ماء” وكلمة دعوه هنا يقصد بها أمرين الأمر الاول دعوه يكمل تبوله حتى لا يتضرر من انقطاع البول والأمر الثاني أي لا تؤذوه.

وبعد أن انتهى الأعرابي جاء جبر الخاطر ناداه النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: “ألست بمسلم؟” فقال له: نعم

 قال: “فما حملك على أن بِلْت في المسجد؟” ، فقال له صادقاً: “والذي بعثك بالحق، ما ظننتُ إلا أنه صعيد من الصعدات فبِلْتُ فيه” رواه أبو يعلى، 

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم جابرا لخاطره ومعلماً ومربيا له: “إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن” متفق عليه.

قصة جبر خاطر الانصار بعد غزوة حنين 

من أفضل قصص جبر الخواطر في السيرة النبوية هي خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في الانصار فقد أنصف معهم وجبر خاطرهم ولا ابالغ حين اقوال انها أجمل خطب النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال فيها:

يا معشر الأَنصار: ما قالةٌ بلغتني عنكم، وجِدَة وجدتموها عليّ في أَنفُسكم؟ ألم آتكم ضُلّالا فهداكم اللَّهُ، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ، وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ! قَالُوا: بَلَى، اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ.

ثُمَّ قَالَ: أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَار؟ قَالُوا: بِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ للَّه وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ.

أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ، أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى رحالكُمْ؟

فوالّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللَّهمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ)

“فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قَسْمًا وَحَظًّا. ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَفَرَّقُوا”.

اقراء ايضا

جبر الخواطر في القرآن والسنة

قصص عن جبر النبي لخاطر الحيوانات

ان النبي كان استاذنا فذا ومعلما كبيرا في جبر خواطر العباد ثم تعدا ذالك إلى جبر خاطر الحيوانات والجمادات واذكر مثال واحد على ذلك هو قصة جبر النبي صلي الله عليه وسلم لخاطر الجمل الذي شكا له

عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال: أردَفَني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ خَلفَهُ ذاتَ يومٍ، فأسرَّ إليَّ حَديثًا لا أحدِّثُ بِهِ أحَدًا من النَّاسِ، وَكانَ أحبُّ ما استَترَ بِهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لحاجَتِهِ هَدفًا، أو حائِشَ نَخلٍ، قالَ: فدخلَ حائطًا لرَجُلٍ مِن الأنصارِ فإذا جَملٌ، فلَمَّا رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حنَّ وذرِفَت عيناهُ، فأتاهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسحَ ذِفراهُ فسَكَتَ، فقالَ: “مَن ربُّ هذا الجَمَلِ، لمن هذا الجمَلُ؟” فَجاءَ فتًى منَ الأنصارِ فَقالَ: لي يا رسولَ اللَّهِ فَقالَ: “أفلا تتَّقي اللَّهَ في هذِهِ البَهيمةِ الَّتي ملَّكَكَ اللَّهُ إيَّاها؟ فإنَّهُ شَكا إليَّ أنَّكَ تُجيعُهُ وتُدئبُهُ”. صحيح أبي داود

قصص عن جبر النبي لخاطر الجمادات

حينما يجبر رسول الله خاطر الناس يكون هذا فضل منه فإذا جبر خاطر بعض الحيوانات كان هذا فضل أكبر فما بالك برسول يجبر حتى خاطر الجمادات اذكر مثالين على ذلك. 

عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع قبل أن يتخذ المنبر، فلما اتخذ تحول فحن الجذع، فاحتضنه فسكن. فقال: “لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة”. صحيح مسلم

عن أبو حميد الساعدي قال: خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ ثُمَّ أَقْبَلْنَا حتَّى قَدِمْنَا وَادِي القُرَى، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي مُسْرِعٌ، فمَن شَاءَ مِنكُم فَلْيُسْرِعْ مَعِي، وَمَن شَاءَ فَلْيَمْكُثْ، فَخَرَجْنَا حتَّى أَشْرَفْنَا علَى المَدِينَةِ، فَقالَ: هذِه طَابَةُ، وَهذا أُحُدٌ، وَهو جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ. صحيح مسلم

الختام

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وان اردت فتنة بعبادك فاقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين

اترك رد