1- إساءات إلى النبي محمد، لكنه قابلها برحمة، وإحسان.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي خير خلق الله
إساءات إلي النبي محمد هي إساءات لعموم المسلمين.
فكيف إن تزامنت مع الاحتفال بمولده الكريم
فتعالوا لنتعرف على إساءات تعرض لها النبي محمد لكنه قابلها برحمة وعفو واخسأن.

مقالة الاسلام
إساءات تعرض لها النبي محمد ﷺ لكنه قابلها برحمة وعفو واخسأن.

النبي محمد رحمة للعالمين

إن المتأمل في حياة النبي يجد الكثير والكثير من مواقف الرحمة، والإحسان.
وفي ظل الاحتفال بمولده ﷺ، وما تجدد من إساءات إلي النبي تعالوا لنتعرف على إساءات إلي النبي محمد لكنه قابلها برحمة وإحسان.
جانب من رحمته مع من أساء إليه.

في تفسير قوله تعالى “{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}” [الأنبياء: 107].
يخبرنا الله تعالى أنه بعث سيدنا محمداً رحمة للعالمين. أي: أرسله رحمة لهم جميعا، فمن قبل هذه الرحمةَ وشكر هذه النعمة سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردها، وجحدها خسر في الدنيا والآخرة.

عموم رحمته

ما معني أن رسول الله رحمة للعالمين؟
أي: أنه أولا: رحمة بالمسلمين،
ثانيا: رحمة بغير المسلمين،
ثالثا: رحمة بالحيوانات،
رابعا: رحمة حتى بالجمادات.
ولان رحمته شاملة كاملة فهي لم تحدث في بعض المواقف بل كانت سمة أساسية في كل مواقفه
فأصبح رحمة العالمين.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “(قيل: يا رسول الله ادع على المشركين. قال: أنى لم ابعث لعنا إنما بعثت رحمة)” رواه مسلم.

من إساءات اهل مكة

إساءات معنوية

إذا تأملنا في كل ما حدث من إساءات إلي النبي محمد ﷺ والتي تعرض لها فسيتضح لنا أنها نوعان معنوي، وجسدي. ولقد تعرض النبي إلي أشد التنكيل، والإيذاء، الجسدي، وأيضا المعنوي من كفار مكة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر لما جمع النبي أهل مكة، وقال لهم أنى رسول من الله أليكم
فقال أبو لهب: “تبت لك من اجل هذا جمعتنا”.
ثم اتهامهم له بالسحر، والكهانة، والسفاهة، والكذب!!!
وهذه الأخلاق بعيده كل البعد عن النبي ، لان أهل مكة أنفسهم كانوا يلقبونه بالصادق والأمين!!!

ثم اثأروا الشبهات، والدعايات الكاذبة، والباطلة عنه فقالوا: كما أخبرنا الله عز وجل في القران الكريم: “{إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ}” [الفرقان: 4].
وقال أيضا: “{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}” [الفرقان: 5].

أن الحبيب المصطفي كان يتعجب من كثرة دعائهم عليه، وشتمهم له.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “(ألا تعجبون!!! كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمم، ويلعنون مذمم، وأنا محمد)” رواه البخاري

إساءات جسدية

واصل كفار قريش ترويج الدعاوي الكاذبة، ولم يكتفوا بذلك بل كانوا يرمون الأشواك، والقاذورات أمام بيته، وفي طريقه. ووصل الأمر إلي وضع أمعاء الجمل عليه، وهو ساجد عند الكعبة من عقبة بن أبي معيط.

إساءات إلي النبي محمد ﷺ من عقبة بن أبي معيط 

عن عبد الله بن مسعود قال:”(بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلَى جَزُورِ بَنِي فُلانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ؟ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ قالوا: إنه عقبة بن أبي معيط فَأَخَذَهُ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ،
قَالَ: وَضْحَكُوا وَجَعَلَ يَمِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ)”. ولم يرفع النبي راسه من السجود حتى جاءت السيدة فاطمة، ورفعته عنه وأخذت تدعوا عليهم.

وحاول عقبة بن أبى معيط قتل النبي ، وهو يصلي عند الكعبة، ولكن أبوبكر رضي الله عنه خلص النبي من بين يديه.
فعن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بْنِ الغاص رضي الله عنهما أنه قال:”(بَيْنَا النَّبِيُّ يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ؛ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه -حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنِ النَّبِيِّ ، وقَالَ:”{أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}”[غافر: 28] رواه البخاري.

إساءات إلي النبي محمد في شعب ابي طالب

لقد بلغت الإساءة مبلغها حينما حاصر أهل مكة النبي ، وأهله جميعا في شعب أبي طالب.
ذلك لان عم النبي أبي طالب لم يسلم ابن أخيه إلى المشركين ليقتلوه.
فكانت هذه الوثيقة الجائرة بالحصار، الاقتصادي، والاجتماعي، الجائر. لمدة ثلاث سنوات حتى أكلوا أوراق الشجر من شدة الجوع.
انتهي هذا الحصار لان الأرضة أكلت الوثيقة كلها إلا اسم الله.

لتفاصيل اكثر:
شعب أبي طالب مقاطعة وابتلاء وحصار للنبي محمد

اجتماع كفار قريش علي قتل النبي ﷺ

ولما مات أبي طالب عم النبي زادت الإساءات حتى اجتمع كفار قريش في دار الندوة،
واتفقوا على قتل النبي محمد ، بخطة خبيثة

لذلك قال الله عز وجل عن هذا الشأن “{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}” [الأنفال: 30]
واجتمعوا أمام داره لينفذوا مخططهم، ولكن الله نجاه من كيدهم، ومن بين أيديهم،
وحينما لم يستطيعوا أن يقبضوا على النبي ، وضعوا جائزة مئة رأس من الإبل لمن يأتي به حيا أو ميتا.
ولكن الله نجاه من كيدهم، وهاجر إلي المدينة بسلام.

إساءات إلي النبي محمد في المدينة

ولم يسلم النبي من الإيذاء حتى في المدينة.
فلم يتركه أهل قريش، أو يهود المدينة.
ففي 
غزوة أحد. أوزي النبي اشد الإيذاء.
حتى كسيرة رباعيته، ودخلت حلقتي المغفر في وجنته، وسال الدم الطاهر من وجهة الشريف،
وغاب عن الوعي من شدة الألم وقيل إنه مات.
كل ذلك حدث لرسول الله من كفار مكة.

محاولة قتل النبي من عمير بن وهب

“(إن عمير بن وهب جلس مع ابن أميه، وتذكروا ما حدث في بدر،
وكان عمير بن وهب يؤذي رسول الله وأصحابه
وكان أبنه وهب بن عمير في أسارى بدر فقال صفوان: والله ما إن في العيش بعدهم خير
قال له عمير: صدقت أما والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه وعيال أخاف عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله 
فقال صفوان: على دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي فقال له عمير: فاكتم على شأني وشأنك

قال: سأفعل”.

بعد ذلك توجه عمير إلي المدينة لقتل النبي .
ولكن عمر بن الخطاب كان يجلس مع نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر. ويذكرون ما أكرمهم الله به، وما أراهم في عدوهم.
ونظر عمر إلى عمير بن وهب، وقد أناخ راحلته على باب المسجد متوشحا السيف.
فقال: هذا عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر.

لقاء عمير مع النبي

ثم دخل عمر علي رسول الله وقال: يا رسول الله عدو الله عمير بن وهب قد جاء حامل سيفه
قال ادخله علي. ولما رآه رسول الله وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه
قال: أرسله يا عمر ادن يا عمير فدنا. قال: أنعم صباحا،
فقال رسول الله: قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة.
فقال عمير: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد،
فسال النبي : ما جاء بك يا عمير؟؟؟
رد عمير: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه فسأله: فما بال السيف في عنقك؟؟؟
قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت شيئا.

ثم قال: اصدقني ما الذي جئت له؟؟؟
قال: ما جئت إلا لذلك
قال: بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش،
ثم قلت: لولا دين على وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بن أمية بدين وعيالك،
على أن تقتلني له والله حائل بينك وبين ذلك.

إسلام عمير بن وهب

قال عمير: أشهد أنك رسول الله لقد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، ولان هذا أمر لم يحضره إلا أنا، وصفوان فو الله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق. ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله: فقهوا أخاكم في دينة، وعلموه القرآن وأطلقوا أسيره ففعلوا.

الشاة المسمومة

أما اليهود فقد خططوا لقتل النبي أكثر من مره، ولكن الله نجاه من كيدهم مثال علي ذلك محاولة اغتيال النبي محمد.
فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه -قال: (أنَّ امرأةً يهوديَّةً أتت رسول الله بشاةٍ مسمومة، فأكل منها،
فجيء بها إلى رسول الله ، فسألها عن ذلك؟
قالت: أردتُ أن أفتلك
فقال: مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَيَّ قالوا: أَلَا تقتلها؟ قال: لَا) رواه البخاري، ومسلم.
لان النبي هو نبي الرحمة، والإحسان. فقد رحم هذه المراءة التي خططت لقتله.
مع انه عانى من هذه اللقمة التي أكلها، وظلَّ يشتكي منها حتى لحظة وفاته.

إساءات إلي النبي محمد في الطائف

كان من أصعب، وأقسى ما لاقاه النبي ما حدث في رحلة الطائف.
فعن عائشة -رضي الله عنها – أنها سألت رسول الله : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟
قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت! وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يلايل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت.

فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل
فناداني وقال: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا).

إن النبي أوزي في الطائف وأسيء إليه اشد ألإساه. وضرب بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الشريفتين. واشتد به الألم النفسي، والجسدي، وزاد همُّه، وكربه، وحزنه، وحيرته لكنه قابل كل هذا بإحسان، ورحمة.

النبي محمد هو سيد المحسنين ورحمة الله للعالمين

مقالة الاسلام
إساءات إلى النبي محمد، لكنه قابلها برحمة، وإحسان

إساءات إلي النبي محمد
من عمير بن وهب ألجمحي،
ومن المرأة اليهودية،
ومن بعض أهل الطائف
وإساءات كثيرة من كفار مكة.

ومع كل هذه الإساءات إلي النبي قابلها برحمة، وعفو، وإحسان،
وفي 
فتح مكة. دخل الحبيب المصطفى مكة منتصر،
ولكن النبي كان رحيما، ومتواضعا، ومحسن كادت جبهته أن تصل إلي عنق الناقة من التواضع.

وقال: أحد الناس هذا يوم الملحمة
فقال النبي بل هذا يوم المرحمة.
ولم يحاسب، أو يعاقب، أو يعاتب بل
قال: قولته الشهيرة (اذهبوا فأنتم الطلقاء)،
وقبل ذلك في حادث الطائف فقد كان يستطيع أن يقتل أهل مكة جميعا، ولكنه كان رحمة للعالمين

فقال:( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا).
نعم هذا حدث فهذه رحمته، وأحسأنه، وفضله .

قال أميز الشعراء احمد شوقي:
يامن له الأخلاق ما تهوى العلا
منها وما يتعشق الكــــــــبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل
 يغرى بهن ويولع الكرمـــــاء
وإذا عفوت فقادرا ومقــــدرا
لا يستهين بعفوك الجهـــلاء
فإذا غضبت فإنما هي غضبـة
  في الحق لا ضغن ولا بغضـاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاتـه
ورضى الكثير تحـلم وريــاء
فإذا ملكت النفس قمت بـبـرها
 ولو أن ما ملكت يداك الثنـاء
فإذا أخذت العهد أو أعطيته
فجـميـع عهـدك ذمة ووفـاء
وتمـد حلمـك للسـفيـه مداريـا 
حتى يضيق بعـرضك السفـهاء
فإذا رحمت فانت أم أو أب
هذان في الدنــــيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنـابر هزة 
تغرو الندى وللقلوب بكــــاء

الختام

هذا جهد المقل، وأرجو أن أكون قد استطعت أن أوضح بإيجاز أتمنا ألا يكون مخل بعض ما تعرض له النبي من إساءات.
وأقدم لك جزيل الشكر عزيزي القارئ لقراءة هذا المقال، والمتابعة إلي الختام.

الكاتب عاطف محروص

اترك رد